
انسان جديد
كارم صديقي تلميذ لطيف ذا وجه سمين وخدين ورديين، وعينين سمراوين لامعتين، وأذنين بارزتين كبيرتين، ودائماً ما كان يسامرنا بأنواع مختلفة من القصص ، ويقلد أصوات الحيوانات تقليداً بارعاً ، وأحيانا ما يلهو بالصفير أثناء الدرس أو يقلد حركات زملاءه ، كما كان يقلد المدرسات في بعض الأحيان ، وكانت له براعة في المحاكاة، بحيث كان تقليده يحدث ضجة في الفصل ، تجعله يزهو بما يحققه من نصر وكان هو لا يضحك أبداً ، بل يؤدي ألعابه بوجه جامد، وقلما تبدو على وجهه ابتسامة قصيرة ، لكنه للأسف ، كان لا يهتم بدروسه ولا بنظافة كراساته، تناولت الأستاذة هالة كراسته ذات مرة وقالت : إن كراستك قذرة جداً، كيف أستطيع أن أمسكها إنها تدعو إلى الاشمئزاز .
فاستدار كارم إلى الجهة الأخرى وقال : لا تمسكيها إذن .
فقالت : أيليق بك أن تخاطب مدرستك بهذه اللهجة ؟.
فأجابها بعدم اهتمام : أنا لم أقل شيئاً .
وكان ذلك شيئاً غريباً على فصلنا ، أصابنا بالذهول فلم يسبق أن أجاب أحدنا بتلك الطريقة على مدرسته، شيئاً فشيئاً أخذت تصرفاته تسوء أكثر، ويرفض أن يطيع أي شخص ، ويمتنع عن أداء الواجب ، حتى أصبحنا في حيرة من أمره ، لا نعرف ماذا نصنع من أجله ، لكننا اتفقنا على أن نتجاهله ، حتى لم نعد نضحك من حركات وجهه أو محاكاته لأصوات الحيوانات ، فهو ينبح ويموء كما يهوى ، لكن أحداً لم يكن ينظر نحوه ..
عندما لاحظ كارم أنه منبوذ أخذ يسأل كل من يقابله : لماذا تبتعدون عني ولا تستعينون بي في أي نشاط من أنشطة الفصل، ماذا حدث ؟.. أجابه حسام : إذا أردت أن يحترمك الناس يجب عليك أن تحترمهم وعندها فقط ، تكون عضواً مساوياً لغيرك من أعضاء الجماعة ، وعليك أن تعتذر عما بدر منك نحو الأستاذة هالة فهي تحبنا جميعاً ولا تريد إلا مصلحتك ، لمعت دمعة في عين كارم وقال : هل تعلمون ؟.. ذات مرة أخطأت في أداء واجبي وتلوثت كراستي ببعض البقع ، فحزنت لذلك ووضعت علامة على الصفحة كلها وكتبت أسفلها بحروف كبيرة ، هذه الصفحة سأعيد كتابتها ، ثم أعدتها كلمة كلمة، لكن الأستاذة هالة شطبت على الصفحة كلها بالقلم الأحمر وأعطتني أربع درجات ، ومن يومها أصبحت حزيناً ، أقول لماذا لا يعاملنا الكبار بالاحترام اللازم ، لماذا يستخفون بنا ويحرموننا من العطف والحنان ، بالرغم من اعترافنا بالخطأ والرغبة في تصحيحه ؟!!
ما إن علمت الأستاذة هالة بهذه الحكاية ، حتى غفرت لكارم تهوره ، وقررت أن تعيده إلى الجماعة بطريقتها ، ففي صباح أحد الأيام قالت : إن لدينا دعوة للمشاركة في حفل خاص تقيمه دار الأيتام التي بجوارنا ، وأنا أقترح أن تكون مشاركتنا عن طريق عرض تمثيلي ، قال أشرف : لكننا ليس لدينا جماعة للتمثيل !.. فأجابت : ولماذا لا نبدأ إذن في تكوين تلك الجماعة من الآن ، على أن يرأسها كارم ، ولقد عثرت على تمثيلية قصيرة تصلح للمشاركة ، وقرأتها علينا ..
سعد كارم سعادة غامرة بتلك الثقة ، وعندما بدأ العمل أخذ يعمل بنشاط وحماس شديدين ، وفكر في إضافة بعض النكات المضحكة إلى دوره ، وأصبح خير ممثل في تلك الحفلة التي أقيمت في دار الأيتام ، كما أحبه أطفال الملجأ وعقد صداقات جميلة مع العديد منهم ، وطلبوا منا جميعاً أن نأت دائماً لنزورهم ، وفي الحقيقة أن زيارتهم كانت تحقق لنا الكثير من السعادة ، لذلك قررنا أن نحمل إليهم الهدايا ونذهب لنسامرهم في أقرب فرصة ، وصار كارم منذ ذلك اليوم أشد أعضاء الجماعة تحمساً كما تغير بالفعل وأصبح ملتزماً حدود الأدب في أثناء الدرس ولا يسمح لذهنه أن يشرد أبداً وتوثقت صداقته مع المعلمة ومع جميع التلاميذ .
كارم صديقي تلميذ لطيف ذا وجه سمين وخدين ورديين، وعينين سمراوين لامعتين، وأذنين بارزتين كبيرتين، ودائماً ما كان يسامرنا بأنواع مختلفة من القصص ، ويقلد أصوات الحيوانات تقليداً بارعاً ، وأحيانا ما يلهو بالصفير أثناء الدرس أو يقلد حركات زملاءه ، كما كان يقلد المدرسات في بعض الأحيان ، وكانت له براعة في المحاكاة، بحيث كان تقليده يحدث ضجة في الفصل ، تجعله يزهو بما يحققه من نصر وكان هو لا يضحك أبداً ، بل يؤدي ألعابه بوجه جامد، وقلما تبدو على وجهه ابتسامة قصيرة ، لكنه للأسف ، كان لا يهتم بدروسه ولا بنظافة كراساته، تناولت الأستاذة هالة كراسته ذات مرة وقالت : إن كراستك قذرة جداً، كيف أستطيع أن أمسكها إنها تدعو إلى الاشمئزاز .
فاستدار كارم إلى الجهة الأخرى وقال : لا تمسكيها إذن .
فقالت : أيليق بك أن تخاطب مدرستك بهذه اللهجة ؟.
فأجابها بعدم اهتمام : أنا لم أقل شيئاً .
وكان ذلك شيئاً غريباً على فصلنا ، أصابنا بالذهول فلم يسبق أن أجاب أحدنا بتلك الطريقة على مدرسته، شيئاً فشيئاً أخذت تصرفاته تسوء أكثر، ويرفض أن يطيع أي شخص ، ويمتنع عن أداء الواجب ، حتى أصبحنا في حيرة من أمره ، لا نعرف ماذا نصنع من أجله ، لكننا اتفقنا على أن نتجاهله ، حتى لم نعد نضحك من حركات وجهه أو محاكاته لأصوات الحيوانات ، فهو ينبح ويموء كما يهوى ، لكن أحداً لم يكن ينظر نحوه ..
عندما لاحظ كارم أنه منبوذ أخذ يسأل كل من يقابله : لماذا تبتعدون عني ولا تستعينون بي في أي نشاط من أنشطة الفصل، ماذا حدث ؟.. أجابه حسام : إذا أردت أن يحترمك الناس يجب عليك أن تحترمهم وعندها فقط ، تكون عضواً مساوياً لغيرك من أعضاء الجماعة ، وعليك أن تعتذر عما بدر منك نحو الأستاذة هالة فهي تحبنا جميعاً ولا تريد إلا مصلحتك ، لمعت دمعة في عين كارم وقال : هل تعلمون ؟.. ذات مرة أخطأت في أداء واجبي وتلوثت كراستي ببعض البقع ، فحزنت لذلك ووضعت علامة على الصفحة كلها وكتبت أسفلها بحروف كبيرة ، هذه الصفحة سأعيد كتابتها ، ثم أعدتها كلمة كلمة، لكن الأستاذة هالة شطبت على الصفحة كلها بالقلم الأحمر وأعطتني أربع درجات ، ومن يومها أصبحت حزيناً ، أقول لماذا لا يعاملنا الكبار بالاحترام اللازم ، لماذا يستخفون بنا ويحرموننا من العطف والحنان ، بالرغم من اعترافنا بالخطأ والرغبة في تصحيحه ؟!!
ما إن علمت الأستاذة هالة بهذه الحكاية ، حتى غفرت لكارم تهوره ، وقررت أن تعيده إلى الجماعة بطريقتها ، ففي صباح أحد الأيام قالت : إن لدينا دعوة للمشاركة في حفل خاص تقيمه دار الأيتام التي بجوارنا ، وأنا أقترح أن تكون مشاركتنا عن طريق عرض تمثيلي ، قال أشرف : لكننا ليس لدينا جماعة للتمثيل !.. فأجابت : ولماذا لا نبدأ إذن في تكوين تلك الجماعة من الآن ، على أن يرأسها كارم ، ولقد عثرت على تمثيلية قصيرة تصلح للمشاركة ، وقرأتها علينا ..
سعد كارم سعادة غامرة بتلك الثقة ، وعندما بدأ العمل أخذ يعمل بنشاط وحماس شديدين ، وفكر في إضافة بعض النكات المضحكة إلى دوره ، وأصبح خير ممثل في تلك الحفلة التي أقيمت في دار الأيتام ، كما أحبه أطفال الملجأ وعقد صداقات جميلة مع العديد منهم ، وطلبوا منا جميعاً أن نأت دائماً لنزورهم ، وفي الحقيقة أن زيارتهم كانت تحقق لنا الكثير من السعادة ، لذلك قررنا أن نحمل إليهم الهدايا ونذهب لنسامرهم في أقرب فرصة ، وصار كارم منذ ذلك اليوم أشد أعضاء الجماعة تحمساً كما تغير بالفعل وأصبح ملتزماً حدود الأدب في أثناء الدرس ولا يسمح لذهنه أن يشرد أبداً وتوثقت صداقته مع المعلمة ومع جميع التلاميذ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق